من المرجح أن تقرير التضخم الذي سيصدر في وقت لاحق اليوم الخميس سيلعب دورا حاسما في تحديد مسار السياسة النقدية المستقبلية للفيدرالي الأمريكي. التوقعات بحسب السوق الآجلة لتسعير سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية يسجل نسبة 91.4% بأن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتثبيت أسعار الفائدة في الاجتماع القادم، وذلك على الرغم من استمرار قوة سوق العمل في الولايات المتحدة.
المسؤولون في بنك الاحتياطي الفيدرالي يراقبون بعناية مؤشرات التضخم وغيره من البيانات. حيث يظل التساؤل دائما عما إذا كان رفع أسعار الفائدة مرة أخرى هذا العام سيكون ضروريا للحفاظ على استقرار معدل التضخم. وأكد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، بعد قرار سبتمبر بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، أن البنك سيعتمد على البيانات الحديثة التي توفرها التقارير القادمة، بما في ذلك تقرير مؤشر أسعار المستهلك الذي سيصدر يوم الخميس، لتقييم تأثير جهودهم في مكافحة التضخم.
واحدة من أهم النقاط التي يسعى المسؤولون في بنك الاحتياطي الفيدرالي للتركيز عليها هي الحفاظ على استمرار تباطؤ التضخم في الأسعار الأساسية، وخاصة فيما يتعلق بتكاليف الخدمات، التي ترتبط بشكل كبير بتكاليف العمالة بدلا من أسعار السلع.
وعلى الرغم من وجود معدل توظيف قوي خلال الشهر الماضي، إلا أن الزيادة في أجور العمال كانت بطيئة نسبيا في الآونة الأخيرة. وشهدت الأرباح بالساعة في سبتمبر ارتفاعا بنسبة 0.2% فقط، مسجلة زيادة بنسبة 4.2% مقارنة بالعام السابق. وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية، نمت الأرباح بمعدل سنوي أبطأ، والذي إذا استمر في هذا الاتجاه فسيكون متوافقا مع هدف التضخم البالغ 2٪.
وعلى الرغم من بقاء معدلات البطالة أقل من 4% وعدم وجود عمليات تسريح كبيرة للعمال، فإن العمال لم يتخلوا عن المكاسب الإضافية التي حققوها خلال فترة التعافي من الجائحة. قد تؤدي الإضرابات الأخيرة التي قام بها عمال السيارات المتحدون في نقابة Kaiser-Permanente، والاتحادات النقابية لموظفي الرعاية الصحية في Kaiser-Permanente، والزيادات الكبيرة في الأجور في العقود النقابية الأخرى إلى ممارسة ضغوط تصاعدية على تعويضات العمال في جميع أنحاء البلاد.
على الجانب الآخر، وبالرغم من أن ارتفاع أسعار البنزين ساهم في زيادة معدل التضخم الشهري في أغسطس، إلا أنها ارتفعت بوتيرة أقل في سبتمبر، وشهدنا انخفاضا خلال الأسابيع الأخيرة، وفقا لمعلومات إدارة الطاقة الأمريكية. يجب أن يأخذ في الاعتبار إمكانية ارتفاع الأسعار مرة أخرى نتيجة التوترات والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، مما أثر على ارتفاع أسعار النفط في وقت سابق هذا الأسبوع.
يمكن أن يؤثر ارتفاع أسعار البنزين بشكل سلبي على ثقة المستهلك والإنفاق، مما يزيد من تكاليف السلع المتنوعة مثل تذاكر الطيران وتكاليف الشحن، وذلك على الرغم من أن الاحتياطي الفيدرالي لا يستهدف أسعار السلع الأقل تأثرا بتغييرات أسعار الفائدة.
من جهة اخرى، عمليات البيع المكثفة في سوق السندات تعقد من الجهود المبذولة لمكافحة التضخم دون الدفع بالاقتصاد نحو الركود، وهذا هو الهدف الذي يسعى إليه بنك الاحتياطي الفيدرالي. حيث إن رفع أسعار الفائدة على المدى القصير يهدف إلى زيادة عائدات السندات ذات المدى البعيد، مما يزيد من تكاليف الاقتراض. ومع ذلك، وصلت تلك العوائد مؤخرا إلى أعلى مستوياتها منذ 16 عاما، مما أدى إلى تشديد شروط الائتمان، الأمر الذي سينعكس على سوق الإسكان ويقيد الإنفاق الاستهلاكي.
وخلال الأسبوع الماضي، أشارت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، ماري دالي، إن الحاجة إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي قد “تضاءلت” في ظل هذه الظروف.